حضانة الطفل بعد زواج الأم من الموضوعات القانونية الحساسة التي تثير العديد من التساؤلات في المجتمعات العربية، خاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة. الحضانة هي الحق القانوني والواجب الأخلاقي الذي يكفل رعاية الطفل وتلبية احتياجاته البدنية، النفسية، والاجتماعية بعد انفصال الوالدين. فالأم في القوانين الأسرية الإماراتية الحاضنة الرئيسية عادةً، نظرًا لدورها الطبيعي في تربية الأطفال.
ومع ذلك، يبرز السؤال حول حضانة الأبناء بعد زواج الأم، وكيف يؤثر زواجها الجديد على هذا الحق. في هذا المقال، نستعرض أحكام القانون الإماراتي، شروط الحضانة، والظروف التي قد تؤدي إلى فقدان الأم لحقها في حضانة أطفالها، مع تقديم نصائح قانونية للأمهات الحاضنات.
شروط الحضانة في القانون الإماراتي
في دولة الإمارات، ينظم قانون الأحوال الشخصية (القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005) مسائل حضانة الطفل بعد زواج الأم وغيرها من القضايا الأسرية. يحدد القانون شروطًا أساسية يجب توافرها في الحاضن أو الحاضنة، سواء كانت الأم أو غيرها، وتشمل:
- العقل والرشد: يجب أن يكون الحاضن عاقلاً وقادرًا على اتخاذ قرارات تربوية سليمة.
- القدرة على التربية: يشترط أن يمتلك الحاضن القدرة البدنية والنفسية لرعاية الطفل.
- الأخلاق والسلوك الحسن: يجب أن يكون الحاضن حسن السيرة، خاليًا من السلوكيات التي قد تؤثر سلبًا على الطفل.
- عدم الإصابة بأمراض معدية: لضمان سلامة الطفل الصحية.
- الدين: في بعض الحالات، يُفضل أن يكون الحاضن من نفس دين الطفل، خاصة إذا كان هناك تأثير على التربية الدينية.
- عدم وجود زواج جديد (للأم): وهو شرط أساسي يؤثر على حضانة الطفلة بعد زواج الأم أو الطفل الذكر، كما سنناقش لاحقًا.
الأولوية عادةً للأم في الحضانة، بشرط توافر هذه الشروط، لأنها تُعتبر الأنسب لتوفير الرعاية العاطفية واليومية للطفل.
موقف القانون من زواج الأم الحاضنة
زواج الأم الحاضنة من أكثر الموضوعات التي تثير الجدل في قضايا حضانة الأطفال بعد زواج الأم المطلقة. وفقًا لقانون الأحوال الشخصية الإماراتي، يؤثر زواج الأم على حقها في الحضانة بشكل مباشر.
تنص المادة 152 من القانون على أن الأم تفقد حقها في حضانة أطفالها إذا تزوجت من رجل أجنبي عن الطفل (أي ليس والد الطفل أو أحد أقاربه المحارم). ويعود السبب إلى الاعتقاد بأن زواج الأم قد يؤثر على قدرتها على تخصيص الوقت والجهد الكافيين لرعاية الطفل، أو أن الزوج الجديد قد لا يوفر بيئة مناسبة للطفل.
ومع ذلك، هناك استثناءات وتفسيرات يمكن أن تؤثر على هذا الحكم، بناءً على مصلحة الطفل، وهي المعيار الأساسي الذي تتبعه المحاكم الإماراتية. على سبيل المثال، إذا كان الزوج الجديد من المحارم (مثل عم الطفل أو خاله)، قد تحتفظ الأم بحق الحضانة، شريطة استيفاء الشروط الأخرى.
متى تفقد الحاضنة حقها في حضانة الطفل؟
تفقد الأم الحاضنة حقها في حضانة الطفل بعد زواج الأم في الحالات التالية، وفقًا للقانون الإماراتي:
- زواج الأم من شخص غريب عن الطفل: كما ذكرنا، إذا تزوجت الأم من رجل ليس من محارم الطفل، فإنها تفقد حق الحضانة تلقائيًا، ما لم تقرر المحكمة غير ذلك بناءً على مصلحة الطفل.
- إهمال الطفل أو سوء الرعاية: إذا ثبت أن الأم، بعد زواجها، أهملت احتياجات الطفل أو فشلت في توفير بيئة آمنة وصحية.
- فقدان شرط من شروط الحضانة: مثل إصابتها بمرض يعيق قدرتها على الرعاية، أو ظهور سلوكيات غير أخلاقية تؤثر على الطفل.
- طلب الأب نقل الحضانة: إذا قدم الأب طلبًا إلى المحكمة لنقل الحضانة إليه أو إلى طرف آخر (مثل جدة الطفل) بعد زواج الأم، وأثبت أن ذلك في مصلحة الطفل.
ومع ذلك، يمكن للأم الطعن في قرار سحب الحضانة إذا أثبتت أن زواجها لا يؤثر سلبًا على الطفل، وأنها لا تزال قادرة على توفير الرعاية المثلى.
بدائل الحضانة بعد زواج الأم
عندما تفقد الأم حقها في حضانة الأطفال بعد زواج الأم المطلقة، يحدد القانون ترتيبًا للحاضنين البديلين بناءً على مصلحة الطفل. تشمل البدائل:
- الأب: إذا كان مؤهلاً ومستوفيًا لشروط الحضانة، يمكن أن يتولى الأب حضانة الطفل.
- الجدة لأم: إذا لم يكن الأب مناسبًا، قد تنتقل الحضانة إلى أم الأم (جدة الطفل من جهة الأم).
- الجدة لأب: إذا لم تكن الجدة لأم متوفرة أو مؤهلة، تنتقل الحضانة إلى أم الأب.
- أقارب آخرون: مثل العمات أو الخالات، حسب ترتيب الأولوية في القانون.
- مؤسسات الرعاية: في حال عدم وجود أي من الأقارب المؤهلين، قد تتدخل المحكمة لتوجيه الطفل إلى مؤسسة رعاية، وهو خيار نادر جدًا.
المحكمة تحدد الحاضن الجديد بناءً على تقييم دقيق لمصلحة الطفل، مع الأخذ في الاعتبار العوامل النفسية، الاجتماعية، والمادية.
دور المحكمة في تحديد مصلحة الطفل
مصلحة الطفل المعيار الأسمى في جميع قرارات حضانة الطفل بعد زواج الأم. تقوم المحاكم الإماراتية بتقييم عدة عوامل لتحديد ما إذا كان زواج الأم يؤثر سلبًا على الطفل، وتشمل:
- البيئة الجديدة: هل يوفر الزوج الجديد بيئة آمنة ومستقرة للطفل؟
- العلاقة بين الأم والطفل: هل لا تزال الأم قادرة على تخصيص الوقت والعناية الكافية للطفل؟
- رأي الطفل: إذا كان الطفل في سن يسمح له بالتعبير عن رأيه (عادةً بعد سن السابعة)، قد تأخذ المحكمة رغبته في الاعتبار.
- التقارير الاجتماعية: تعتمد المحكمة على تقارير من مختصين اجتماعيين لتقييم الوضع المعيشي والنفسي للطفل.
في بعض الحالات، قد تسمح المحكمة للأم بالاحتفاظ بالحضانة إذا أثبتت أن زواجها لا يتعارض مع مصلحة الطفل، مثل توفير بيئة منزلية مستقرة وداعمة.
نصائح قانونية للأمهات الحاضنات بعد الزواج
للأمهات الحاضنات اللاتي يخططن للزواج مرة أخرى، إليك بعض النصائح القانونية للحفاظ على حق حضانة الأطفال بعد زواج الأم قدر الإمكان:
- استشارة محامٍ متخصص: قبل الزواج، استشر محاميًا مختصًا في قانون الأحوال الشخصية لفهم تداعيات زواجك على الحضانة.
- إثبات مصلحة الطفل: اجمع الوثائق والأدلة التي تثبت أن زواجك لن يؤثر سلبًا على رعاية الطفل، مثل شهادات من المدرسة أو تقارير نفسية.
- الاتفاق مع الأب: حاولي التوصل إلى اتفاق ودي مع والد الطفل لضمان استمرارية الحضانة أو تقاسم المسؤوليات.
- توفير بيئة مستقرة: تأكدي من أن الزوج الجديد يدعم وجود الطفل ويوفر بيئة آمنة ومريحة.
- التوثيق القانوني: وثّقي أي اتفاقيات مع الزوج الجديد أو الأب السابق بشأن رعاية الطفل، ويفضل أن تكون موثقة لدى المحكمة.
الخلاصة: حضانة الطفل بعد زواج الأم كقضية حساسة
حضانة الطفل بعد زواج الأم قضية قانونية معقدة تتطلب التوازن بين حقوق الأم ومصلحة الطفل. في القانون الإماراتي، يبقى زواج الأم من شخص غريب عن الطفل سببًا أساسيًا لفقدان الحضانة، ولكن المحاكم تأخذ مصلحة الطفل كمعيار أساسي في قراراتها. من خلال فهم شروط الحضانة، استشارة المختصين، واتخاذ خطوات استباقية، يمكن للأمهات الحاضنات حماية حقوقهن وضمان بيئة مستقرة لأطفالهن. , ونحن في مكتب ilaw نوفر دعما حقيقيا يساعد الأمهات وكذلك الاباء على التعامل مع هذه القضايا بثقة ودقة. في النهاية، تظل مصلحة الطفل الهدف الأسمى الذي يسعى القانون إلى تحقيقه في كل قرار.


