جرائم السب والقذف الإلكتروني في الإمارات: كيف تُثبت الجريمة وما الإجراءات القانونية؟

في عصرنا الرقمي، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، انتشرت ظاهرة السب والقذف الإلكتروني كشكل من أشكال الاعتداء على الكرامة والسمعة. في الإمارات العربية المتحدة، التي تُعد مركزًا عالميًا للتكنولوجيا والابتكار، شهدت هذه الجرائم ارتفاعًا ملحوظًا، حيث سجلت الجهات المختصة آلاف الشكاوى سنويًا، خاصة عبر منصات مثل تويتر، إنستغرام، وفيسبوك. وفقًا لتقارير النيابة العامة الاتحادية، بلغ عدد البلاغات المتعلقة بالجرائم الإلكترونية أكثر من 15,000 حالة في عام 2024، مع تركيز كبير على جرائم السب والقذف عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الجرائم تختلف قليلا عن جرائم السب والقذف التقليدي فهي ليست مجرد خلافات شخصية، بل تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، إذ يمكن أن تؤدي إلى خسائر معنوية ومادية هائلة، مثل فقدان فرص عمل أو أضرار نفسية. في هذا المقال الشامل، سنستعرض كل ما يتعلق بالسب والقذف الإلكتروني في الإمارات، من التعريف والإطار القانوني إلى العقوبات، الأدلة، والإجراءات، مع التركيز على كيفية إثبات الجريمة ودور المتخصصين في مكاتب المحاماة مثل iLaw. سنعتمد على التشريعات الحديثة لعام 2025، لنقدم دليلًا عمليًا يساعد الضحايا والمتهمين على فهم حقوقهم.

 

مقدمة: جرائم السب والقذف في العصر الرقمي

مع انتشار الإنترنت في الإمارات، حيث يصل معدل الاستخدام إلى 99% من السكان، أصبحت جرائم السب والقذف الإلكتروني من أكثر التحديات أمنية. هذه الجرائم تشمل نشر ألفاظ أو صور تمس الشرف، الدين، أو السمعة، عبر المنصات الرقمية، مما يؤدي إلى انتشار سريع وواسع النطاق. في عام 2025، أدخلت الإمارات تعديلات على قوانينها لمواكبة التطورات، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن المحتوى المسيء، كما أشارت تقارير هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية (TDRA). السب والقذف الإلكتروني ليسا جريمة فردية؛  أصبحت هذه الحالات تشكل 25% من الجرائم الإلكترونية، وفقًا لإحصاءات شرطة دبي. هذا الانتشار يستدعي وعيًا قانونيًا، حيث يمكن لأي منشور يحقق آلاف المشاهدات أن يسبب ضررًا دائمًا. في الإمارات، التي تُعرف بتسامحها الاجتماعي، يُعامل القانون هذه الجرائم بصرامة للحفاظ على الانسجام، مع التركيز على الوقاية من خلال حملات توعية مثل “الإنترنت آمن” من وزارة الداخلية. سنغوص في التفاصيل لنفهم كيف تحولت هذه الجرائم من خلافات شخصية إلى قضايا جنائية معقدة.

 

ما هو السب والقذف الإلكتروني؟

السب والقذف الإلكتروني هو إساءة استخدام الوسائل الرقمية للإضرار بسمعة الآخرين، حيث يُعرف السب بأنه رمي الشخص بألفاظ مهينة دون إسناد واقعة معينة، مثل “حقير” أو “فاسد”، بينما القذف هو إسناد واقعة غير صحيحة تجعل الشخص عرضة للاحتقار أو العقاب، مثل اتهامه بالسرقة أو الفساد. في السياق الإلكتروني، يحدث ذلك عبر نشر منشورات، تعليقات، أو رسائل خاصة على وسائل التواصل، كما في حالات السب في مواقع التواصل الاجتماعي مثل تيك توك أو سناب شات. وفقًا للمادة 43 من قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية (مرسوم اتحادي رقم 5 لسنة 2024)، يُعد أي استخدام لشبكة المعلوماتية لإسناد مثل هذه الأفعال جريمة. الفرق الرئيسي بينهما يكمن في الإسناد: السب عام، والقذف محدد. في الإمارات، يُشمل ذلك أيضًا التشهير الجماعي عبر الهاشتاجات، كما حدث في قضية شهيرة عام 2024 حيث حُكم على شخص بـغرامة ضخمة لنشر شائعات عن شركة. هذه الجرائم تتجاوز الحدود الجغرافية، مما يجعل إثباتها يعتمد على تقنيات الرقمية. مع انتشار الذكاء الاصطناعي، أصبحت الجرائم تشمل إنشاء صور مزيفة (ديب فيك) للقذف، وهو ما أكدت عليه TDRA في إرشادات 2025. فهم هذا التعريف أساسي للوقاية، حيث يُنصح بمراقبة الخصوصية في الإعدادات.

 

الإطار القانوني في الإمارات للسب والقذف عبر الإنترنت

يُشكل الإطار القانوني في الإمارات مزيجًا من التشريعات الاتحادية والمحلية لمواجهة السب والقذف الإلكتروني. الأساس الرئيسي هو قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية (مرسوم اتحادي رقم 34/2021)، ويُعرف الجرائم الإلكترونية كأي إساءة للشبكة المعلوماتية

كما يُدعم ذلك قانون حماية البيانات الشخصية (قانون اتحادي 45/2021)، الذي يُجرّم انتهاك الخصوصية عبر الإنترنت. في 2025، أُدخلت تعديلات تُلزم المنصات الدولية مثل ميتا بإزالة المحتوى المسيء خلال 24 ساعة، كما في اتفاقية TDRA. هذا الإطار يتوافق مع المعايير الدولية مثل اتفاقية بودابست، مع التركيز على الوقاية عبر حملات “رقمي آمن”. في السياق العربي، تُعد الإمارات رائدة في تجريم السب في مواقع التواصل الاجتماعي.

 

عقوبة السب والقذف الإلكتروني في الإمارات

تُعد عقوبة السب والقذف الإلكتروني في الإمارات من أشد العقوبات رادعًا، لتعكس خطورة الجريمة على المجتمع. وفقًا للمادة 43 من قانون 5 لسنه 2024، يُعاقب الجاني بالحبس والغرامة لا تقل عن 250,000 درهم ولا تزيد عن 500,000 درهم، أو إحداهما. إذا كان السب أو القذف بحق موظف عام أو أثناء تأدية الوظيفة، تُشدد العقوبة ، كما في المادة 2. للقذف الذي يمس الشرف أو العرض، تُطبق حدود الشريعة مع التعويض المدني. في 2025، سُجلت أحكامًا مثل حكم محكمة دبي بـ400,000 درهم غرامة لقذف عبر إنستغرام. عقوبة السب والشتم الإلكتروني تشمل أيضًا الإبعاد للأجانب، وفق المادة 374 من قانون العقوبات. هذه العقوبات تهدف إلى الردع، مع إمكانية التسوية إذا سحب الشكوى المجني عليه.

ما هي الأدلة المقبولة في جرائم السب والقذف الإلكتروني

إثبات جرائم السب والقذف الإلكتروني يعتمد على أدلة رقمية موثوقة، حيث يُشترط الركن المادي (الفعل)، المعنوي (القصد)، والعلانية (النشر). الأدلة المقبولة تشمل:

  • لقطات الشاشة (Screenshots): مع تاريخ ووقت، معتمدة من خلال برامج مثل Adobe Acrobat أو شهادة من مزود الخدمة.
  • سجلات المنصات: طلب رسمي من فيسبوك أو تويتر للحصول على IP address وتسجيل الدخول، كما في إجراءات TDRA.
  • شهادات الشهود: أقوال أشخاص شاهدوا المنشور، مدعومة بأرقام هواتفهم.
  • تحليل الخبراء: تقارير فنية تثبت التزييف أو الانتشار، خاصة في حالات الديب فيك.
  • المحتوى المحفوظ: نسخ احتياطية من الرسائل أو المنشورات قبل الحذف.

في قضية أبوظبي 2024، اعتمدت المحكمة على IP logs لإدانة متهم بقذف عبر واتساب. يجب أن تكون الأدلة أصلية وغير معدلة،

 

 

كيفية تقديم بلاغ سب وقذف إلكتروني في الإمارات

تقديم بلاغ جرائم السب والقذف الإلكتروني في الإمارات سهل وسريع، مع خيارات إلكترونية للخصوصية. الخطوات الرئيسية:

  1. جمع الأدلة: احتفظ بلقطات شاشة، روابط، وتسجيلات.
  2. اختيار القناة:
    • في دبي: منصة eCrime عبر تطبيق شرطة دبي أو واتساب – 8004888 و يمكن تقديم البلاغ من خلال مركز الشرطة الذكية  او من موقع شرطة دبي بإستخدام الهوية الرقمية للدخول إلي الموقع و متابعة معاملة البلاغ لحين تسجيلها برقم بلاغ لدى مركز الشرطة المختص.
    • في أبوظبي: خدمة “أمان” أو 8002626 – او من خلال تقديم طلب للنيابة العامة ( عريضة نيابة بفتح بلاغ ) و بعد موافقة النيابة يتم إصدار مخاطبة لمركز الشرطة المختص لفتح البلاغ .
    • اتحاديًا: تطبيق “مجتمعي آمن” من النيابة العامة او ان يتم فتح البلاغ من موقع الشرطة الاتحادي.
  3. ملء الاستمارة: حدد الجاني (اسم أو حساب)، وصف الجريمة، وأرفق الأدلة.
  4. التحقيق: تتولى الشرطة التحقيق الأولي، ثم النيابة العامة.
  5. المحاكمة: إحالة إلى المحكمة الجزائية، مع إمكانية تعويض مدني.

يجب تقديم البلاغ خلال 3 أشهر من الجريمة، وفق قانون الإجراءات. في 2025، أُطلقت خدمة “بلاغ آمن” للإبلاغ المجهول. استشر محاميًا لتعزيز البلاغ.

دور مكاتب المحاماة – iLaw – في قضايا السب والقذف الإلكتروني

تلعب مكاتب المحاماة مثل iLaw قسم الجرائم الالكترونية دورًا حاسمًا في قضايا السب والقذف الإلكتروني، خاصة في دبي وأبوظبي. iLaw، كمكتب محاماة إماراتي متخصص في القانون الجنائي الرقمي، يقدم خدمات شاملة: استشارات أولية لتقييم الأدلة، صياغة البلاغات، التمثيل أمام النيابة والمحاكم، وطلب التعويضات. في قضية ناجحة عام 2024، ساعدت iLaw في إثبات قذف عبر تويتر، مما أدى إلى حكم بـ350,000 درهم تعويض. دور المحامي يشمل الدفاع عن المتهمين أيضًا، بإثبات عدم القصد أو صحة الإسناد. مع خبرة في تحليل الأدلة الرقمية، يُعد iLaw خيارًا موثوقًا للضحايا، حيث يضمن سرية الإجراءات وفق قانون 45/2021. في الإمارات، يُشترط توكيل محامٍ في الجنايات، مما يجعل مكاتب مثل iLaw ضرورية للنجاح.

خاتمة: أهمية الوعي القانوني في استخدام مواقع التواصل

في الختام، جرائم السب والقذف الإلكتروني تمثل تهديدًا حقيقيًا في الإمارات، لكن التشريعات الصارمة والإجراءات الفعالة توفر حماية قوية. من التعريف إلى العقوبات والأدلة، يتضح أن الوقاية تبدأ بالوعي: تحقق من الخصوصية، تجنب النشر المسيء، واستشر متخصصًا عند الشك. مع حملات 2025 مثل “تواصل بأمان”، يُشجع المستخدمون على المسؤولية. في عالم رقمي، الحفاظ على الكرامة مسؤولية مشتركة؛ فالإمارات تُبني مجتمعًا آمنًا يحمي الجميع. للمساعدة، تواصل مع iLaw أو الجهات الرسمية – حقوقك محمية.