تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة إقليمياً ودولياً في مجال حماية الطفولة، وقد رسخت هذا التوجه بإصدار القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل (قانون وديمة) والمعدل بالقانون رقم 33 لسنه 2024، الذي يُعد أول تشريع اتحادي شامل ينظّم حقوق الطفل بما يتوافق مع أعلى المعايير الدولية. لم يأتِ هذا القانون بوصفه إطاراً قانونياً فحسب، بل شكل تحولاً جوهرياً في النظرة المؤسسية للطفل باعتباره شخصاً كاملاً له حقوق أصيلة ملزمة قانوناً لا يجوز المساس بها.
اليوم يُعد قانون وديمة أحد أكثر التشريعات تطوراً في المنطقة العربية، ويُستشهد به كنموذج ناجح في مجال حماية الأطفال.
مكانة الطفل في المجتمع الإماراتي: رؤية استراتيجية مستمرة لحقوق الطفل
منذ تأسيس الاتحاد على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أولت الدولة اهتماماً خاصاً بالأطفال باعتبارهم أساس مستقبل الإمارات. وقد انعكس هذا الاهتمام في السياسات العامة، وتطور المنظومة التعليمية والصحية والاجتماعية، وإنشاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بقيادة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك. كما دعمت الدولة برامج واستراتيجيات وطنية منها استراتيجية وديمة لحماية الطفولة 2021–2026.
وقد حققت الإمارات مراكز متقدمة في المؤشرات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل، بما يجسد التزامها الفعلي بحماية هذه الفئة.
ما هو قانون حقوق الطفل وديمة لعام 2016؟
يُعد قانون وديمة (القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2016) الإطار التشريعي الشامل الذي يحمي الأطفال من الولادة وحتى بلوغ سن 18 سنة. ويستند القانون إلى المبادئ الأساسية لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، ومنها:
مصلحة الطفل الفضلى
عدم التمييز
الحق في الحياة والبقاء والنماء
احترام رأي الطفل
ويتضمن القانون 74 مادة تغطي الهوية، الصحة، التربية، التعليم، الحماية من المخاطر، الرعاية البديلة، العدالة الخاصة بالأحداث، والإجراءات المؤسسية.
أبرز الحقوق التي يكفلها قانون وديمة
يكفل القانون عشرات الحقوق الجوهرية، من أهمها:
الحق في الهوية والجنسية وفقاً للقوانين المنظمة لهذا الشأن.
الرعاية الصحية والحصول على الخدمات الطبية اللازمة بدون تمييز.
التعليم الإلزامي وفق قانون التعليم الإلزامي.
الحق في الحماية من سوء المعاملة المفاهيمية والجسدية والنفسية.
حماية الطفل من العمل قبل بلوغ سن 15 عاماً، وبشروط محددة بعد ذلك.
حظر الزواج المبكر إلا بضوابط قضائية محددة وفق قانون الأحوال الشخصية.
الحق في اللعب والترفيه في بيئات آمنة.
الحماية من الإساءة والإهمال: منظومة صارمة وعقوبات رادعة
وضع القانون منظومة حماية شاملة تضمنت التبليغ الإلزامي عن أي حالة اشتباه بإساءة، واعتبر عدم الإبلاغ جريمة. وتتراوح العقوبات بحسب جسامة الفعل، ويمكن أن تشمل:
السجن والغرامات على مرتكبي الإساءة الجسدية أو النفسية.
تشديد العقوبة في حال ترتب على الإساءة عاهة أو وفاة.
عقوبات على الإهمال الطبي أو التعليمي الذي يعرّض الطفل للخطر.
كما أسس القانون وحدات حماية الطفل في كل إمارة، وخصّص خطوط تواصل وخدمات تدخل سريع تعمل على مدار الساعة.
دور الأسرة والمدارس والمؤسسات في التطبيق
يحمّل القانون الأسرة، والمؤسسات التعليمية، والمرافق الصحية، ودور الرعاية، مسؤوليات واضحة في حماية الطفل. وتشمل هذه المسؤوليات:
توفير بيئة أسرية آمنة
التزام المدارس بتعيين أخصائي حماية طفل
إلزام المستشفيات بالإبلاغ عن أي إصابة مشتبه بها
توفير شروط أمن وسلامة في دور الحضانة، بما يشمل أنظمة مراقبة وإشراف مهني
كما تدعم الدولة حملات توعية وطنية لتعزيز ثقافة حماية الطفل.
دور المحامين والمستشارين القانونيين في حماية الطفل
أعطى قانون وديمة أدوات عملية مهمة للمحامين والمستشارين القانونيين، منها:
تمثيل الطفل مباشرة أمام القضاء
رفع دعاوى التعويض عن الإساءة
طلب أوامر حماية عاجلة
المشاركة في لجان حماية الطفل على مستوى الإمارة
تقديم استشارات وقائية للأسر وإعداد برامج تدريبية للمدارس والمؤسسات
كما أوجب القانون توفير محامٍ للطفل في الحالات التي يكون فيها مجنياً عليه أو طرفاً في نزاع أو معرضاً للخطر.
خاتمة: رسالة مكتب iLaw للمحاماة والاستشارات القانونية
في مكتب iLaw، نؤمن بأن حماية الطفل واجب وطني وإنساني قبل أن تكون ممارسة مهنية. ويقدم فريقنا المختص:
استشارات فورية أولية مجانية للحالات المشتبه بها
تمثيلاً قانونياً كاملاً في قضايا الحضانة والإساءة والتعويض
برامج تدريبية متخصصة للمدارس والأسر حول حقوق الطفل
تعاوناً مباشراً مع وحدات الحماية في الدولة
خط دعم قانوني يعمل على مدار الساعة للحالات الطارئة
حماية الطفل مسؤولية جماعية، وكل خطوة يتخذها فرد واعٍ يمكن أن تنقذ حياة.


